11/8/14

كافكا مرّتين : "التحوّل" ، "المحاكمة"


كتابين ممتازين لهذا الكاتب الممتاز (يهودي تشيكي ألماني اللغة ، مولود عام 1883 ، وتوفي عام  -  1924 المزيد عن حياته هنا) -- مات صغيرا (نسبيّا) والذي نجت روايته (المحاكمة) بالصدفة حيث كان يريد أن تحرق بعد موته، ولكن صديقه لم يحقّق له هذه الأمنية. 

رواية المحاكمة ساحرة بطريقة عجيبة.. جوزيف ك يستدعى إلى المحاكمة (لا يعرف التهمة طول الرواية) ، ويمثل أمام محاكم عجيبة (لا تبدو رسميّة أو حقيقية أبدا، بل تجري في طوابق عليا من أبنية مسكونة، وفي شقق حقيرة عجيبة) متأرجحا بين الجهل والنكران... إلى الإستسلام والموت! شخصيّات مدهشة في دقّتها وعمقها الإنساني تصادفه على طريق هذه المحاكمة. جوّ ساحر وفريد من الغموض العجيب الذي يجمع بين المعقوليّة والإستحالة !  رواية بلا الكثير من الأحداث المهمّة ، ولكنّها تستعرض - أو تشير إلى - معان من الدين ، العزلة الإنسانية ، طغيان المجتمع والجماعة ، معضلة القوّة والقدرة ، العجز واليأس الإنسانيين.. نقاش جميل عنها هنا وهنا ..

الرواية الثانية : التحوّل (  ) ، والتي تعتبر جملتها الإفتتاحية من الأشهر ويرى الكثيرون أنّها من أجمل افتتاحيّات الروايات : 

ذات صباح، وبعد أن استيقظ من أحلامه المضطربة، وجد جريجور سامسا نفسه في سريره، وقد تحوّل إلى حشرة عملاقة. 
One morning, upon awakening from agitated dreams, Gregor Samsa found himself, in his bed, transformed into a monstrous vermin.

هذه الرواية فيها نفس الغموض الأخّاذ ، حيث لا نعرف (وليس مهما) لماذا تحوّل هكذا (فهذه ببساطة حادثة مؤسفة) ، بل نتبع أفكاره وصراعه بين طبيعته الجسدية الجديدة (الحشرة يحب الظلمة والرطوبة والمشي على السقف وأطعمة محدّدة) وما بقي من إنسانيته( عائلته ، مسؤولياته، عمله، الخ) ، والأحداث التي تنتج عن هذا الإنمساخ العجيب عندما يعتني به أهله وهو لا يغادر غرفته.  لماذا لم يهتم سامسا كفاية بأسباب ما حدث؟ هل تحوّله هو مساعد للتحوّلات الأخرى التي جرت في الرواية (تحول أهله وأخته) ؟ ماذا عن التعاطف ، العزلة وجدلية الجسد والمادة؟ .. المزيد عن الرواية هنا ، وهنا

روايتان رائعتان شديدتا الغنى والجمالية الأدبية والفلسفية.. أسلوب ساحر وومتاز وقدرة إبداعيّة وتحليليّة فريدة للنفس الإنسانية والعديد من الظروف والعوامل الداخلية والإجتماعية ..


No comments: