عن الوطن..والفوضى..و"الغضب

تطالعنا اسبوعيا تقريبا في جريدة الاخبار مقالات بهلوانية غاضبة واي غضب.. وهي وان حملت الكثير من الطرافة فانها تذهب بعيدا جدا في الاقذاع والاهانات بحق "الوطن اللبناني" .. وبالتالي الهوية اللبنانية, وحتما حاملي هذه الهوية المقتنعين بها!
هنا لا بد من قول كلمة توضح و تشرح, وغريب أمر قلة الردود واعتبار هذا مجرد وجهة نظر (وللترمس على حد علمي أثر ضئيل في صناعة الهويات وصياغة وجهات النظر اليسابرالية المحدثة).
و لا بد من تذكير الاكاديمي الغاضب (والذي يكره الارز ولا يرى في مزج البطاطا بالكزبرة عبقرية فذة) بان هوية شعب ما هي نتيجة انتماء وتفاعل عوامل حضارية-ثقافية, تاريخية, اجتماعية واقتصادية. ومن هذه النقطة يمكن ببساطة القول بتأسيس "هوية" لبنانية متميزة وخاصة منذ اربعينات القرن الماضي جعلت هذا اللبنان (ضمن اشياء اخرى) عصيا على الموت والذوبان ومركزا للصمود والمقاومة في محيطه.
اعتراضيا هنا اميز بين انتقاد حالة الوطن والهوية فلبنان فعلا "ينتج الان من التفاهة اكثر بكثير من قدرته على الاستهلاك" وتجتاحه موجة عارمة من الشالات السخيفة, السوبر فينيق-بنانيين واللبنان-أولا (ما قد يسبب حالات معقدة من الغثيان و كره التبولة).
ان اسلوب الكتابة المهين والجارح والذي صادقا لا بد من تلطيفه, هذا يليق تماما بالمستوى السياسي الذي وصلنا اليه (رغم وجود رجل دولة عظيما يسهر بصلابة على الوطن)! غابت القيادة ما خلا قلة حكمت عليها الظروف للاسف بموقع يغلب عليه الطابع الطائفي, وهنا مهم ذكر السمة الثانية المميزة لهذه الكتابات وهي العشوائية المفرطة والفوضى "غير الخلاقة". فهناك خبط عشواء وضرب ذات اليمين وذات الشمال بدون اي منهج بنيوي وموضوعي واضح تجعل المقالة مهرجانا مضحكا ولكن يعوزه ما ننتظره فعلا من "الدكتور" الذي لا يمكن الا ان نقدر بعض مواقفه الشجاعة والحيوية للقضايا العربية.
هناك الكثير من الاشياء الاخرى التي تحتاج جهدك.....
فيا حضرة الغاضب السعيد..رفقا بلبنان, وبالشعب الحامل اسمه ..وباغنيات فيروز!!