8/28/09

من أية الطرق يأتي مثلك الكرم - المتنبي


من أية الطرق يأتي مثلك الكرم





من أيّةِ الطُّرْقِ يأتي مثلَكَ الكَرَمُ      أينَ المَحاجِمُ يا كافُورُ وَالجَلَمُ
جازَ الأُلى مَلكَتْ كَفّاكَ قَدْرَهُمُ      فعُرّفُوا بكَ أنّ الكَلْبَ فوْقَهُمُ
ساداتُ كلّ أُنَاسٍ مِنْ نُفُوسِهِمِ      وَسادَةُ المُسلِمينَ الأعْبُدُ القَزَم
أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم      يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ
ألا فَتًى يُورِدُ الهِنْدِيَّ هَامَتَهُ      كَيما تزولَ شكوكُ النّاسِ وَالتُّهمُ
فإنّهُ حُجّةٌ يُؤذي القُلُوبَ بهَا      مَنْ دينُهُ الدّهرُ وَالتّعطيلُ وَالقِدمُ
ما أقدَرَ الله أنْ يُخْزِي خَليقَتَهُ      وَلا يُصَدِّقَ قَوْماً في الذي زَعَمُوا





تذكرت من فترة البيت الشهير في هذه القصيدة التي كتبها المتني على شرف - وبمناسبة - كافور..يبدأ بالقول أن من كان كافور ملكهم لا بد وأنهم يعرفون به وضاعتم (أن الكلب فوقهم).. ورغم أني و أنا أبحث عن القصيدة هذه صادفت أكثر من تفسير يقول أنه يقصد أهل مصر بالبيت (أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ)، فإن الأرجح أنه يقصد حالة التخلف العامة والتي ليس لها حدود جغرافية اقليمية..فعلا لقد فهم كثير من المسلمين من دينهم قدرا يوازي "حف الشوارب" نوعا، فحدوا الدين بحدود هذه القشور وأضاعوا المقصد والغاية، غاية الدين والدنيا معا.. جميل جدا تعبير (من دينه الدهر والتعطيل والقدم) لأن هؤلاء بضيق أفقهم جعلوا ألههم الدهر والخمول وعدم الفعل
والماضي الذي لا يعرف التطور و العمل



هذا فعلا جميل ولكن عجبي أن المتنبي قال أقواله هذه في زمن قريب جدا من العصر الذهبي للخلافة الإسلامية - اصطلاحا - أي العصر الذي أمَ المسلمون العالم فيه حضاريا وفكريا وعلميا: في عصر الفلسفة والترجمة والشعروالعلوم والإبداع - ناهيك عن الشخصية الحضارية والسيادة النسبية.. لقد رأى امارات التخلف في فكر سكان أمة ذلك الزمن الجميل نسبيا فماذا يمكن أن يقول "متنبٍ" يسكن زماننا هذا؟؟ تبعية علمية مطلقة، شلل فكري، انهزام حضاري، و تقهقر ديني أسوأ بألف مرة مما كان الوضع عليه وقتها... فعلا سبحان القادر أن "يخزي خليقته" بأيديهم هكذا

No comments: