5/12/09

وعاظ السلاطين - د. علي الوردي

كتاب ممتاز و دقيق الأبحاث يعالج مسألة مهمة تقع في صميم مشاكل كل الأديان، ولكنها تكتسب بعدا خاصا في الإ سلام بسبب الجدليات الناتجة عن تفاعل مميزات ثلاث

أولا: روح و شخصية البداوة و قيمها التي كان الإسلام مناقضا لها في كثير من الأحيان
ثانيا: النزعة الى دولة الملك (الكسروية-القيصرية) والأثر الأخلاقي\الإجتماعي\الفقهي لهذا
 ثالثا: روح الثورة على ما سبق و التي جسدها الإسلام الأصيل (عمر - علي - ..) وأثرها

المشكلة هي تسطيح و تحجيم الدين بما هو نزوع الإنسان إلى الأكمل، و تحويله الى مجموعة من الجمل البائدة و التعاليم الخشبية والطقوس الفارغة... وهذا ما تم عمدا (أثر العامل الثاني) وصدفة.. يناقش الكاتب بإسهاب العوامل التي دفعت نحو هذا التحويل، والعوامل التي وقفت في وجهه، كما يعرض لبعض الدلائل (الوعظ، الشعر، ) التي تظهره

يعرض الكاتب أمثالا مهمة عن ازدواج الشخصية (كحلٍ للصراع النفسي الذي أحدثه الإسلام عند اصطدامه بالبداوة)و تصرفات "السلاطين" وواعظيهم وأثرها في تشجيع الوعظ الفارغ الذي لا قدرة له على إصلاح المجتمع.. يعالج مسألة "تأليه" السلف مما ينقص إنسانية الدين و يسلبه القدرة على الإصلاح الحقيقي و التفاعل مع الناس.. يمر الكاتب أيضا على مسألة المذهبية و الصراع السني - الشيعي الذي أشعله السلاطين والواعظين، و يرجع الى بدايات هذه المشكلة والعوامل التي أذكتها... يتكلم الكاتب بشجاعة عن (والحاجة إلى) التجديد في الإسلام والمعالجة والنظرة الإنسانية للدين ويورد أمثلة مهمة من تصرفات الصحابة، كتصرف الخليفة عمر في حادثتي "المؤلفة قلوبهم" و حديث الخميس... كتابه هذا و كتابه الآخر (مهزلة العقل البشري) من أروع ما قرات في هذا الموضوع 

No comments: